في عالم يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، صار التمييز بين أنماط التفكير المختلفة أمرًا ضروريًا من أجل فهم طريقة معالج الأفكار وأيضًا حل المشكلات، ومن بين هذه الأنماط المتعددة يبرز كلًا من التفكير الإبداعي والناقد كمهارتين أساسيتين، هذا على الرغم من أنهما تختلفان في الطبيعة والدور.
حيث يعمل التفكير الإبداعي على الخروج عن المعتاد، واكتشاف الأفكار الجديدة والمبتكرة، بينما يعمل التفكير الناقد على تحليل المعلومات وتقييمها، بالإضافة إلى العمل على التأكد من صحتها.
لذلك قد يتساءل البعض حول الفرق الجوهري بين هذين النوع من التفكير، وما هو سبيل الجمع بينهما للوصول إلى النجاح في شتى المجالات، وفي هذا المقال سنذكر هذه الفروقات بشكل تفصيلي، وما هي مميزات كل نوع منهما، بالإضافة إلى العديد من العناصر الهامة الأخرى.
الفرق بين التفكير الإبداعي والناقد | تعريف التفكير الإبداعي
يُعرف التفكير الإبداعي أنه القدرة على توليد أفكار جديدة من خلال الدمج بين بعض الأفكار التي كانت غير مترابطة مسبقًا، ويمكن القول أن التفكير الإبداعي أيضًا هو القدرة على الجمع بين الأمور المختلفة للخروج بشيء جديد.
كما أنه يساهم بشكل كبير في العثور على حلول متعددة للكثير من المشاكل، بجانب أن التفكير الإبداعي يتميز بتحرره من كافة القيود التقليدية، بالإضافة إلى أنه يتضامن بشكل كبير مع الإبداع الفطري.
ما هي أهم مهارات التفكير الإبداعي؟
يتميز التفكير الإبداعي بأن له العديد من المهارات التي تميزه عن غيره من أنماط التفكير المختلفة، ومنها:
1- المرونة:
تعد المرونة من أبرز مهارات التفكير الإبداعي، وهي تعني القدرة على تغيير مسار التفكير وفق متطلبات الموقف.
2- الطلاقة:
تعرف الطلاقة أنها القدرة على منح العديد من الأفكار والمقترحات حول أمر ما، وعادة ما تُقسم هذه الطلاقة إلى:
طلاقة لفظية: استحضار مجموعة كبيرة من الكلمات تتعلق بأمر ما.
طلاقة شكلية وفكرية: القدرة على تحويل الألفاظ إلى صور، أو الإتيان بأفكار جديدة لأمور موجودة حاليًا.
3- القدرة على حل المشكلات:
تعد من أبرز مهارات التفكير الإبداعي، وهي تعني القدرة على ملاحظة المشكلات، والتحرك من أجل إيجاد حلول لها.
أهم صفات المفكر الإبداعي
1- التفكير الإيجابي:
يعد التفكير الإيجابي من أهم صفات المفكر الإبداعي، وهو شخص يركز على إيجاد الحلول ولديه منهجية تساعده على تحويل أي عقبات إلى فرص مميزة، بجانب أنه يحافظ بشكل كبير على التزامه والتعمق داخل نفسه من أجل اكتشاف كافة نقاط قوته وأبرز مهاراته.
2- الفضول:
يعد الفضول من أبرز الصفات السائدة لدى كافة المفكرين الإبداعيين، حيث عادة ما يقوم الشخص الإبداعي بالتساؤل المستمر، بجانب أن لديه رغبة كبيرة في الاكتشاف.
3- حب المغامرة:
يمتلك الشخص الإبداعي دائمًا حب المغامرة والخروج عن المألوف، كما أنه يمتلك قدرًا عاليًا من الجرأة والطموح.
4- البحث المستمر:
عادة ما يمتلك المفكر الإبداعي الرغبة الحثيثة في البحث والسعي بشكل مستمر في أي أمر يرغب في الوصول إلى نتيجة تتعلق به، بالإضافة إلى أنه عادة ما يضع كافة تركيزه على أمر واحد دون هدر طاقته في أكثر من موضوع.
الفرق بين التفكير الإبداعي والناقد | تعريف التفكير الناقد
بداية يجب العلم أن هناك فرق كبير بين التفكير الناقد والانتقاد؛ حيث يهدف الانتقاد إلى إظهار نقاط الضعف الموجودة لدى الطرف الآخر بشكل غير لائق تمامًا، بينما يهدف التفكير الناقد إلى إطلاق حكم على أمر ما، لكن لا يتم هذا الأمر إلا بعد التحليل المنطقي له، بالإضافة إلى الاستناد إلى العديد من الحقائق والمعلومات.
ما هي أهم مهارات التفكير الناقد؟
يُعرف التفكير الناقد أنه تفكير مسؤول، يقوم على بناء الأحكام وفق أسس موضوعية، وهناك عدة تصنيفات توضح مهارات التفكير الناقد، منها:
يرى هذا التصنيف أن هناك عدة مهارات للتفكير الناقد، منها:
القدرة على إيجاد تفسيرات منطقية للمشكلات، وتحديد هل تستند إلى معلومات مقبولة أم لا.
القدرة على استخلاص النتائج من المقدمات.
القدرة على التأكد من مصادر الأخبار، مع التأكد من مدى مصداقيتها.
القدرة على مناقشة فكرة محددة، ثم إمكانية قبولها أو رفضها.
القدرة على التفرقة بين البراهين الغامضة والبراهين الموضوعية.
2- تصنيف Beyer:
من أهم مهارات التفكير الناقد لدى هذا التصنيف ما يأتي:
التحليل: القدرة على إدراك العلاقات بين الأحداث والأشياء.
التفسير: القدرة على التعبير عن المواقف المختلفة.
الاستدلال: استخلاص النتائج من خلال الاعتماد على بعض المهارات الفرعية "فحص الأدلة، تحديد البدائل".
تنظيم الذات: القدرة على تنظيم الأفكار ونتائجها.
الشرح: القدرة على إظهار النتائج مع توضيح أدلتها وبراهينها.
أهم صفات المفكر الناقد
1- التحليل:
عادة ما يقوم المفكر الناقد برفض كافة المسلمات، ويطلق العنان لعقله من أجل التفكير والتحليل اعتمادًا على الحقائق والوقائع فقط، كما أنه لا يمكن التلاعب به بأي شكل كان، ويبتعد تمامًا عن الاندفاع في التفكير.
2- الثبات الانفعالي:
يمنع المفكر الناقد مشاعره من السيطرة عليه وعلى قراراته، ودائمًا ما يعتمد على الأسلوب المنطقي والعقلي، وغالبًا ما يُنحي عاطفته جانبًا عند اتخاذ القرارات.
3- العقلانية:
يتميز المفكر الناقد بأنه شخص عقلاني، ويميل دائمًا إلى الهدوء وعدم التسرع في إصدار الأحكام، كما أن لديه ثقة كبيرة في نفسه ولا يدع أي فرد يتدخل في قراراته.
4- الإصغاء للغير جيدًا:
من أهم مميزات المفكر الناقد أنه يصغى بشكل جيد للآخرين، وعادة ما يقوم بإبداء الاهتمام بكلامهم مع الحرص على عدم مقاطعتهم؛ وهذا لفهم احتياجاتهم بشكل جيد وتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات.
ما هو الفرق بين التفكير الإبداعي والناقد؟
يوجد تقاطع كبير بين التفكير الإبداعي والتفكير الناقد، حيث يمكن للشخص الإبداعي أن يكون شخصًا نقديًا من ناحية أنه يمتلك القدرة على التحليل المنطقي للأمور، ويستطيع الشخص الناقد هو أيضًا أن يكون شخصًا إبداعيًا عبر تطوير مهاراته وجعل القدرة على توليد الأفكار تتغلب على الرغبة في تحليل المعلومات.
كما أن هناك فرقًا بين كل من التفكير الإبداعي والتفكير الناقد، وهو يتمثل في:
يهدف التفكير الإبداعي إلى توليد الأفكار لإيجاد حلول للمشكلات، بينما يهدف التفكير الناقد إلى تحليل الأمور للوصول إلى نتيجة ما.
يقوم التفكير الإبداعي على تأجيل الأحكام، بينما يقوم التفكير الناقد على إصدار الأحكام.
يعتمد التفكير الإبداعي على إطلاق العنان لكافة القدرات الخفية، بينما يعتمد التفكير الناقد على القواعد المنطقية.
يعتمد التفكير الإبداعي على الإجابات المتعددة، بخلاف التفكير الناقد الذي يعتمد على الإجابات المحددة.
وفي ختام هذا المقال، نكون قد أوضحنا الفرق بين التفكير الإبداعي والناقد من خلال إبراز مهارات كل منهما، وأهم سمات الشخص الإبداعي والناقد وأبرز مهارات كل منهما.
