من منا لم يحلم يوما بالدراسة بأحد الجامعات الأوروبية أو الأمريكية أو حتى الاسيوية العريقة؟
إن الدراسة فى أحد تلك الجامعات لا تمثل فقط فرصة للتعلم المتميز و التأهيل الشخصى و الذاتى عالى المستوى و لا حتى الحصول على شهادة متميزة بعد التخرج فقط و لكن تمثل فرصة لتحسين مستوى حياتك و مستواك المعيشى و الثقافى و الفكرى و حتى المادى و الأسرى و الإجتماعى بعد ذلك … و بالتالى هناك فوائد كثيرة للحصول على منحة دراسية بالخارج.
قابلت فى حياتى الكثير من الطلاب و الباحثين الشبان ممن كانوا يعملون فى جامعات و معاهد بحثية متواضعه فى بلدانهم الأصلية و نجحوا فى السفر للخارج من خلال منحة دراسية فى إحدى الجامعات الكبيرة مثل جامعة اوكسفور الإنجليزية المرموقة أو جامعة إلينوى بالولايات المتحدة الأمريكية أو سيدنى بأستراليا و حتى جامعة طوكيو اليابانية و وجدت الكثير اختلافا كليا قد طرأ على حياتهم علميا و ثقافيا وماديا و إجتماعيا ….
السؤال المتكرر دائما … هل فرصة الدراسة بالخارج تستحق العناء و التعب و الإعداد الذى يستغرق سنوات و سنوات؟
الإجابة و بكل ثقة و عن تجربة … نعم و نعم و نعم … ثلاثا
و سأجمل لك فوائد الدراسة بالخارج فى نقاط عشر واضحة و محددة …
- البيئة العلمية و العملية المتميزة: و التى بالتأكيد فى أغلب الحالات ستكون أفضل من الجامعات المحلية فى بلادنا بالشرق الأوسط – للأسف الشديد – و البيئة العلمية المتميزة ليس معناها الأجهزة و المعامل فقط و لكن المستوى العلمى للزملاء و الأساتذة و النقاشات العلمية القوية و فرص حضور ورش العمل و المؤتمرات و مقابلة الشخصيات المتميزة علميا من علماء نوبل و مؤسسى الشركات الحديثة و الرائدة و هكذا … و بالتالى ستجد نفسك فى بيئة علمية ثرية و قوية و مؤثرة ستثرى أفكارك لا شك و ستشحذ همتك و تجعلك تفكر فى كل ما هو جديد و إبتكارى و رائد فى مجالك و تخصصك و هذا يجعل تجربتك التعليمية حديثة جدا و ستجد نفسك تقف على حافة ما درسة البشر فى مجالك الدراسى و هذا ما يفيدك فى العمل بعد التخرج بشكل كبير جدا …
- الدرجات العلمية بالخارج تستغرق وقت أقل بكثير من الداخل: فمثلا الماجستير يستغرق من عام و نصف الى عامين او عامين و نصف على أكثر التقديرات و الدكتوراة من ثلاث سنوات و نصف الى اربع سنوات فى المعتاد… بينما فى جامعاتنا تستغرق الدراسات العليا أوقاتا أكبر من ذلك بكثير. أنا شخصيا أمضيت فى الماجستير حوالى خمس سنوات و طبعا لم أبقى فى بلدى -مصر- لإكمال الدكتوراة .. فقد سافرت للخارج كما تعلمون.
- الفرصة لتغيير تخصصك العلمى أو العملى الحالى: فإذا كنت قد درست بالفعل تخصص غير متطور أو قديم نسبيا و تريد تحديث و تطوير نفسك فإن السفر لدراسة تخصصك الجديد بالخارج هى فرصتك الذهبية. و من خلال تجربتى الشخصية فقد كنت أعمل فى معهد بحوث البترول المصرى فى مجال الإضافات البترولية و قد حصلت على الماجستير فى نفس المعهد بتخصص الكيمياء الفيزيائية و الجزء العملى كان فى الإضافات البتروليه. ليس هذا فحسب بل كنت أشارك فى تجارب عملية فى حقول البترول فى مصر و كنت أقوم بتصميم مواد كيميائية لمنع زيوت البترول من التجمد فى درجات الحرارة المنخفضة و بالتالى كانت تجربة غنية و ثرية و ممتعة أحيانا … و لكننى قررت تغيير تخصصى العملى و الإتجاه لدراسة الخلايا الشمسية لأسباب كثيرة سأشرحها فى مقال اخر .. و لكن كان من الصعب جدا أن أغير تخصصى بمصر لاننى مرتبط بمجال عمل المعهد البحثى الذى أعمل به و التخصص الذى تعلمته فى الماجستير و هكذا فكان لابد من السفر للخارج و الحمد لله بعد قصة كفاح طويلة استطعت القبول بأحد أفضل معامل الخلايا الشمسية فى العالم.
- فرص العمل و التدرب المتميزة بعد التخرج: إذا نجحت فى الحصول على منحة دراسية بجامعة جيده فى بلد متقدم فإنك ستكون قد فتحت لنفسك الباب على مصراعيه للتدرب أو العمل فى أحد الشركات الكبرى المتواجده فى هذا البلد .. و لنفترض مثلا أنك سافرت للدراسة فى ألمانيا فى مجال الميكاترونيكس أو أحد المجالات المتعلقة بصناعة السيارات على سبيل المثال .. فى تلك الحالة يمكنك التدرب فى مرسيدس أو بورشه أو أودى أو غيرهم من شركات السيارات الألمانية بسهولة جدا بل ستساعدك الجامعة بشكل كبير فى الحصول على تلك الفرصة و يمكنك أيضا العمل هناك بعد التخرج طبعا إمكانية الحصول على مثل تلك الفرص و أنت فى بلدك صعبه للغايه و بالتالى فرصة السفر للخارج فى بلد جيد و جامعة جيده يفتح لك افاقا جديده تماما قد تغير حياتك للأفضل و بسرعه.
- الإثراء الثقافى: لا تتخيل كم سيتغير ذهنك و تفكيرك و انطباعاتك و قدراتك و مهاراتك فى التعامل مع الاخر إذا خضت تجربة السفر و الدراسة بالخارج … جامعات العالم المتقدم ما هى إلا مراكز لتجمع الطلاب و المتميزين من جميع أنحاء العالم .. ستقابل أكثر من 100 جنسية و ستجد نفسك تخوض الكثير من المواقف و التجارب الشخصية الإيجابية و السلبية و ستكون الكثير من الاصدقاء من حول العالم من ثقافات و دول لم تكن تتخيل يوما انك ستتعرف على بعض أهلها و هذا كله يثرى فكرك و تجاربك و خبراتك و يصقل مهاراتك فى التعامل مع الاخرين مما يفيدك فى سوق العمل و هذا هو ما يطلق عليه الخبرة الدولية أو International Experience…. و هذه نقطة مهمه عند التقدم للعمل فى أى شركة كبرى بالخارج.
- تعلم اللغات: خصوصا إذا سافرت للدراسة بدولة غير ناطقة باللغة الإنجليزية مث ألمانيا أو اليابان أو كوريا أو المجر على سبيل المثال … فى تلك الحالة ستكون امامك فرصة متميزة لتعلم لغة تلك الدولة و إضافتها لرصيد مهاراتك الشخصية .. و بمناسبة اللغات فإننى أؤكد أن أهم المهارات على الإطلاق هى اللغات .. أهم فى بعض الأحيان من المهارات العلمية و العملية. فى بلد مثل ألمانيا يعتبر تعلم اللغة الألمانية أهم من حصولك على الدرجة العلمية إذا كنت تخطط للعمل بعد التخرج .. فبدون لغة لا عمل لأنك ببساطة لن تستطيع التواصل مع العاملين معك. و بالتالى فإن تعلم اللغات من الفرص المتميزة التى توفرها لك تجربة الدراسة بالخارج.
- الترقى الوظيفى: الدراسة بالخارج تعتبر فى أحيان كثيرة المفتاح للحصول على وظائف متميزة فى بلدك الأم أو الترقى داخل مسارك العملى بشكل سريع .. و السبب فى ذلك هو مجموعة المهارات و الخبرات التى تحدثنا عنها فى النقاط السابقة و التى تجعل من سيرتك الذاتية مدعاه للفخر و تجعل منك شخص أفضل بمهارات و قدرات علمية و عملية و شخصية أفضل كثيرا و هو ما يعزز مكانتك و تنافسيتك الوظيفية فى المستقبل و بالتالى حتى إذا كنت تخطط للعودة لبلدك بعد التخرج – و هو ما نشجع عليه – او كنت تخطط للإستمرار فى المسار الأكاديمى أو الصناعى فالدراسة بالخارج بالتأكيد ستجعل منك شخصا اخر بلا شك.
- السياحة: احد أبرز الفوائد من السفر للخارج هى السياحة و سهولة التجول و زيارة المدن و المتاحف و الجبال و الغابات و غيرها من المزارات و الاماكن السياحية بأسعار جيده و مخفضة للطلبة .. فمثلا إذا سافرت للدراسة بأوروبا فستجد أنه يمكنك التجول بدول أوروبا ة زيارة المدن الأوروبية الشهيرة و المعالم الكبرى بأسعار زهيده للطلاب نتيجة التخفيضات الطلابيه من ناحية و تقليل الرفاهيات من ناحية أخرى بالنسبة لك كطالب … هذا يضاف الى قائمة مهاراتك و ثقافاتك على المدى البعيد.
- الحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية: إذا كنت تطمح للحصول على الإقامة الدائمة أو جنسية دولة ما فلابد أن تعلم أن حصولك على درجة علمية أو قيامك بالدراسات العليا فى تلك البلد يعتبر طريق مختصر للحصول على جنسيتها خصوصا الدول الغربية – أوروبا و الولايات المتحدة و كندا و استراليا- فكل تلك الدول تمنح التسهيلات فى الإقامة و الجنسية للحاصلين على شهادات فى الدراسات العليا و خريجيى جامعاتها خصوصا فى التخصصات العلمية الحديثة أو التخصصات التى تشهد ندرة فى تلك الدول. كما تمنح تلك الدول أيضا امتيازات لتشجيع خريجيى جامعاتها على البحث عن عمل بعد التخرج هناك و من ثم الإستقرار و العيش بها جذبا للمواهب الأجنبية و الأشخاص المتميزين.
- أخيرا و ليس اخرا … مستقبلك الأسرى: كل المميزات التى سبق ذكرها تنطبق على أسرتك إن كان لديك أسره و اصطحبتهم معك فى سفرك للخارج .. حيث سيجد أبناؤك فرصة التعلم الجيده بالاخص اللغات و السياحة و السفر و تكوين الصداقات و هكذا …
بشكل عام لا اجد أجمل من أت يسافر الإنسان لإستكشاف ذاته و إمكانياته الحقيقة و تطوير نفسه و مهاراته و الجهاد الذاتى لتحقيق أمانيه …
أخيرا أختم بأبيات بليغه للإمام الشافعى عن أهمية السفر …
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا
وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ
وَقَطعُ الفَيافي وَاِكتِسابُ الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ
بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ
محمود الدماصى